التسمم المائي في جسم الإنسان: مصدر الحياة يمكن أن يقتلك!
ربما تصيبك عبارة التسمم المائي في جسم الإنسان بالذعر، فمن المعروف أن ثلاثة أرباع جسم الإنسان يتكون من المياه، لذا فإن الأطباء ينصحون بشرب كميات من الماء يوميًا تترواح من 3-4 لترات للحفاظ على صحة الجسم وفوائد أخرى عديدة. لكن ما هو التسمم المائي؟ وهل يمكن أن يتسبب الإفراط في شرب الماء في قتلك؟.
فوائد شرب الماء للجسم
قبل التحدث عن التسمم المائي في جسم الإنسان فعلينا أن نعرف أن جسم الإنسان يتكون من حوالي 60% من الماء، ولذا فالماء ضروري لصحة الجسم وحياة كل كائن حي، قال تعالى (وَجَعَلْنَا مِنَ المآء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ )، فالماء يقوم بحمل المواد المغذية إلى الخلايا وعلى الناحية الاخرى يقوم بحمل السموم وطردها خارج الخلية، كما ينظم درجة حرارة جسم الإنسان، ويساعد الجسم على امتصاص الأملاح والمعادن والفيتامنيات التي يتلقاها الجسم عن طريق الغذاء، كما يرطب البشرة والمفاصل.
ومؤخرًا ظهرت أهمية شرب الماء بكثرة والسوائل بصفة عامة، في سبيل رفع مناعة الإنسان وتعزيز مقاومتها لفيروس كورونا المستجد الذي فاجأ العالم بظهوره في أوائل العام 2020م، ومازال يحصد الأرواح حتى لحظة كتابة هذا المقال.
كمية المياة اليومية أو السوائل التي يحتاجها الرجل البالغ حوالي 3.7 لتر يوميًا، أما الأنثى فتحتاج حوالي 2.7 لتر من السوائل كل يوم.
ما هوالتسمم المائي ؟
إن التسمم المائي في جسم الإنسان باختصار يحدث عند إدخال كميات كبيرة من الماء دفعة واحدة، مما يصعب على الكليتين التعامل مع هذه الكمية الضخمة، حيث يمكنها أن تعمل على تصريف ما يقرب من واحد لتر من الماء كل ساعة، وبالتالي فإن شرب كمية من الماء تفوق هذا خلال الساعة يؤدي إلى ارتفاع نسبة الصوديوم في الدم مسببًا ما يعرف بالتسمم المائي، الذي يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية الخطيرة، قد تمتد إلى الوفاة.
كميات المياه الكبيرة التي يتم إدخالها للجسم تعمل على انتفاخ الخلايا، ومنها خلايا المخ، وهو ما يسبب الصداع للشخص، والحالات الحادة من التسمم تسبب أعراضًا أقوى وتؤثر على القلب، تراكم هذه السوائل التي لم تستطع الكليتان التعامل معها يؤثر على الجهاز العصبي للإنسان، وقد يؤدي إلى غيبوبة تنتهي بالوفاة.
أعراض التسمم المائي في جسم الإنسان
تنقسم الأعراض حسب عمر الشخص، حيث تختلف في البالغين عن الأطفال، كما يلي:
- في البالغين تتمثل أعراض التسمم المائي في جسم الإنسان في الصداع، الشعور بالغثيان، تشنجات في العضلات، كثرة التبول، خلل في ضربات القلب، تغيرات في ضغط الدم، عدم وضوح الرؤية.
- بالنسبة للاطفال فإن الأعراض قد تحدث في التسعة أشهر الأولى، وذلك في حالة ما كان الأهل يعودونه على السباحة ومن ثم دخلت كمية كبيرة من الماء إلى فمه، أو أن تقوم الأم نفسها بإعطاء الطفل جرعات عالية من الماء، وهذا يسبب للطفل ضعف التركيز، التشنجات، الغثيان والقيء، عدم انتظام تنفسه.
- بعيدًا عن التسمم المائي في جسم الإنسان فإن الإفراط في تناول الماء بصفة عامة يؤدي إلى مضاعفات كثيرة منها هبوط الدورة الدموية، الإسهال، القيء.
- زيادة كمية الماء اليومية إلى أكثر من أربعة لترات لمدة قد تصل إلى عشرة أيام يسبب الدوخة، تساقط الشعر، انفجار كرات الدم الحمراء، خشونة الجلد وأحيانًا الوفاة.
والجدير بالذكر أن أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بالتسمم المائي هم الرياضيون، الذين يمارسون الرياضة بشكل مكثف ومستمر، مثل ركوب الدراجات حيث يتطلب منهم ذلك القيادة لمسافات طويلة، ممارسو رياضة الجري وسباقات الماراثون، مرضى القلب والكلى.
أسباب التسمم المائي في جسم الإنسان
كما قلنا فإن التسمم المائي في جسم الإنسان ينتج عن شرب كميات كبيرة من الماء دفعة واحدة وفي وقت قصير، مما يسبب انخفاض لمستويات الصوديوم في الدم، ووظيفة هذا الأخير هي الحفاظ على الخلية في حالة اتزان من السوائل، فإذا انخفضت نسبته فإنه لا يقدر على منع كل تلك السوائل من الدخول إلى الخلية، فتدخل مسببة انتفاخ الخلية.
تختلف عدد كميات المياه التي يمكن للشخص البالغ شربها يوميًا على حسب عدة عوامل، لكنها لا تقل عن ثمانية أكواب من الماء يوميًا على دفعات، قد تقل هذه الكمية مع اتباع بعض الأشخاص نظام معين من تناول الخضروات والفاكهة توفر لهم كمية من السوائل، أو تزيد مع من يمارسون الرياضة يوميًا أو يعيشون في مناطق جافة مرتفعة الحرارة، ذات مناخ رطب، لذا فالكمية ليست ثابتة.
علاج التسمم المائي في جسم الإنسان
علاج التسمم المائي بسيط جدًا وخطواته هي:
- تعويض الجسم بالصوديوم في حالات معينة، فإذا شعر رياضي مثلاً بأحد الأعراض السابقة، يجب أن يتوجه إلى الطبيب لمعرفة اللازم حتى لا يتفاقم الأمر، لأنه لا احد يصدق أن شرب الماء الكثير يمكن أن يتسبب له بالضرر، يقوم الطبيب بوضع محاليل الصوديوم للمريض عن طريق الوريد أو استخدام الأدوية في بعض أعراض التسمم المائي البسيطة مثل الصداع والدوخة.
- تقليل كمية السوائل التي يتناولها الشخص بشكل عام، أغلبية الرياضيين لا يقومون بأي إجراء من أنفسهم، وإنما يقوم على ذلك مدرب رياضي يعلم جيدًا عاقبة الماء الكثير، لكن كل الخطر من هؤلاء الهواة حيث لا يوجد هناك من يخبرهم بمغبة أفعالهم على الصحة.
- يعمل الطبيب على إعطاء المريض أدوية مدرة للبول لمساعدة الكلية على عملها والتخلص من كمية الماء الزائدة تلك أو السوائل المتراكمة بصفة عامة.
- القيام بغسيل للمعدة إذا لزم الأمر للتخلص من السوائل الزائدة كلها سواء كانت مياه أو غير ذلك.
اقرأ أيضًا
منع حدوث التسمم المائي في جسم الإنسان
- بالنسبة للرياضيين عليهم وزن أنفسهم قبل أداء الرياضة وبعدها، لمعرفة كمية الماء اللازمة بالضبط، حيث تكون كمية الماء المطلوبة حوالي 0.59 لتر لكل رطل مفقود من الوزن.
- يمكنك معرفة استهلاكك اليومي من الماء ومدى ضرره على صحتك عن طريق البول، فالبول ذو اللون الأصفر الباهت يشي بكميات مياه معتدلة يوميًا، بينما يدل اللون الأصفر الغامق أو الشفاف على وجود جفاف أو بداية حدوث جفاف لدى هذا الشخص، أو قد يعني العكس وهو استهلاكه لكمية مياه كبيرة، وهذا الاختبار يفيد الإنسان في معرفة حالته من الماء وتداركها سريعًا قبل أن تدخل مرحلة الخطر.
- ألا تزيد كمية الماء التي يتناولها الإنسان يوميًا عن سبعة لترات بأي حال من الأحوال، هذا إذا لم يكن الإنسان يتناول فاكهة أو خضروات بدرجة كافية يحصل منها على بعض حاجته من المياه.
- لا ننسى هنا اتباع السنة النبوية الشريفة، والتي تقتضي بشرب الماء على دفعات ثلاث، أو ثلاث مرات وليس على دفعة واحدة، لأن من أسباب التسمم المائي هو شرب كمية كبيرة من الماء على دفعة واحدة، وهذا في حالات الحر الشديد أو التعب حينما يفقد جسم الإنسان الكثير من السوائل، لكن السنة النبوية تأتي بشرب المياه على ثلاث دفعات يفصل بين كل منها عدة ثوان، كي يتجنب الجسم العديد من الأمراض ومن ضمنها التسمم المائي في جسم الإنسان.
في النهاية نرى صحة مقولة الشيء إذا زاد عن حده انقلب لضده، فقد كان من العجيب معرفة التسمم المائي في جسم الإنسان، وهي معلومة يجهلها الكثيرون حيث لا يبدو للماء بالذات أية أضرار ، الآن نعرف أن زيادته للجسم خطيرة بالفعل.